في الوقت الذي تتسارع فيه التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وإفريقيا بوتيرة غير مسبوقة، اتفقت الجزائر ومصر على ضرورة تكثيف الجهود لضمان الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة. وأكد اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ووزير الخارجية المصري، السيد بدر عبد العاطي، على عزم البلدين على لعب دور محوري في التصدي للتحديات التي تواجه المنطقة العربية، لاسيما الأزمة الفلسطينية والتوترات المتزايدة في الشرق الأوسط.
وأعرب البلدان عن رغبتهما في تكثيف جهودهما الجماعية لمواجهة التهديدات التي تواجه المنطقة، سواء فيما يتعلق بالصراع أو الإرهاب أو الأزمة الإنسانية. وخلال هذا اللقاء، أشاد السيد عبد العاطي باسم الرئيس عبد الفتاح السيسي بالدور الريادي للجزائر في الدفاع عن القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وقال عقب استقباله من طرف رئيس الجمهورية: “لطالما كانت الجزائر طرفا أساسيا في الدفاع عن حقوق الشعوب العربية، ودورها في مجلس الأمن الدولي أكثر من أي وقت مضى في النضال من أجل مستقبل سلمي لفلسطين”.
ولم يفوت الوزير المصري التذكير “بأهمية التضامن العربي في مواجهة المحاولات المتكررة لتصفية القضية الفلسطينية”. وأشاد في هذه المناسبة بموقف الجزائر الثابت والداعم بلا هوادة لحق الفلسطينيين في العيش بحرية على أرضهم. ويتجلى هذا الدعم ليس فقط في التصريحات السياسية بل أيضا في العمل الملموس على الساحة الدولية، حيث لا تزال الجزائر صوتا قويا للمقاومة الفلسطينية.
وخلال اللقاء، تم تبادل وجهات النظر حول آخر التطورات المتعلقة بغزة. وقد أطلع السيد عبد العاطي الرئيس تبون على الجهود التي تبذلها مصر بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية من أجل وضع حد للحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني وإعادة إرساء وقف دائم لإطلاق النار. وقال: “لا يمكن تبرير الحرب على غزة ولا بد من العمل على وضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني”، قبل أن يشير إلى استعداد مصر لاستضافة المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة المقرر عقده بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتندرج هذه المبادرة ضمن إطار أوسع: الخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار غزة، والتي تهدف إلى توفير الدعم طويل الأمد للسكان.
كما ركزت المناقشات على التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم العربي والأفريقي، وهو سياق يستدعي تضافر الجهود وتعزيز العلاقات بين الدول الشقيقة. وشدد السيد عبد العاطي على ضرورة تكثيف المبادرات المشتركة لضمان الاستقرار الدائم، مع التأكيد على جهود الوساطة والحوار بين الأطراف الإقليمية الفاعلة.
كما أتاح اللقاء فرصة لاستعراض حالة العلاقات الثنائية بين الجزائر ومصر. كما رحب السيد عبد العاطي بالزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى القاهرة في أكتوبر الماضي، منوهاً باللقاءات المثمرة التي جرت في تلك المناسبة بين رئيسي البلدين. وأشار إلى أن هذه الزيارة شكلت نقطة تحول في العلاقات بين البلدين، مؤكدا على طابعها الحيوي والاستثنائي.
أكدت مصر والجزائر على رغبتهما المشتركة في الارتقاء بعلاقاتهما إلى آفاق جديدة، لا سيما في مجالات التنمية الاقتصادية والبنية التحتية والتعاون الأمني. وفي هذا الصدد، تحدث وزير الشؤون الخارجية المصري عن التحضيرات الجارية للجنة المشتركة الكبرى الجزائرية المصرية التي من المقرر أن تجتمع قريبا في القاهرة. وينبغي أن تضع هذه اللجنة أسس تعزيز التعاون في المشاريع الاستراتيجية ذات الاهتمام المشترك.
ورحب الوزير المصري بانتخاب الجزائر مؤخرا لعضوية مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، معربا عن تهانيه بهذه المرحلة الجديدة في التزام الدبلوماسية الجزائرية. وتعتزم الجزائر، بصفتها عضوا فاعلا في الاتحاد الإفريقي، تعزيز دورها في تعزيز السلم والأمن في القارة الإفريقية. ولا يدل هذا الدعم المتبادل بين مصر والجزائر على وجود إرادة سياسية للتعاون الإقليمي فحسب، بل يدل أيضا على تقارب استراتيجي في إدارة الأزمات وتعزيز الحلول الدائمة في القارة.