تعتبر مسرحية “الخيش والخياشة” التي قدمتها يوم السبت بقاعة الكازينو سابقا بالمسرح البلدي لمدينة الجزائر العاصمة لفرقة الهواة “أنجاد المسرح” التابعة للجمعية الثقافية “قطار الفن” بوهران، انعكاسا صارخا لتحديات وتطلعات الشباب الجزائري.
تقدم هذه المسرحية التي أخرجها فارس عبد الكريم بنص عبد الفتاح قدور ابراهيم، والتي تعرض في إطار المهرجان الوطني السابع عشر للمسرح المحترف، مرآة واقعية ومؤثرة للشباب الجزائري، تتأرجح بين التحديات التي يفرضها المجتمع والآمال في مستقبل أفضل.
تتبع الرواية المصائر المتشابكة لأربعة شباب، بدءًا من سنوات الدراسة وحتى دخولهم مرحلة البلوغ. توضح هذه الشخصيات، من خلفيات اجتماعية مختلفة، صراعات وتطلعات جيل كامل. ومن خلالهم، يواجه المشاهد مواضيع متنوعة مثل البطالة، وخيبة الأمل في الحب، والزواج المتسرع ومسؤوليات الأبوة.
تتوج القصة بولادة طفل، وهو رمز قوي للتجديد والأمل. هذه النهاية المتفائلة هي تذكير بأنه حتى في مواجهة الشدائد، تستمر الحياة وتجلب الوعود لمن يجرؤ على الحلم.
نص قدور إبراهيم عبد الفتاح هو قصيدة حقيقية للصمود والبحث عن المعنى. بأسلوبه الذي يمزج بين الواقعية والشعر، نجح في تجسيد جوهر الشباب مع تناول موضوعات عالمية. لا شك أن أداء الممثلين هو أحد نقاط قوة المسرحية. يقدم كل من يوسف قواسمي وإبراهيم دها ومحمد بلقروي وإلياس بن مكي أداءً نادرًا ما يكون قويًا. وتعد قدرتهم على الانتقال بسلاسة من دور إلى آخر شهادة على موهبتهم.
فهم يؤدون شخصياتهم في أدوار الوالدين والأصدقاء والشركاء الرومانسيين بدورهم، ويضفون على شخصياتهم عمقاً ومصداقية ملحوظين. يتيح تمثيلهما المكثف والدقيق في آنٍ واحد للجمهور التماهي مع هذه الشخصيات العالمية بينما يختبرون بشكل كامل فرادة رحلاتهم.
يلعبون شخصيات الآباء والأمهات والأصدقاء والشركاء الرومانسيين بدورهم، ويضفون على الشخصيات عمقاً ومصداقية ملحوظين. يتيح تمثيلهم المكثف والدقيق في آنٍ واحد للمشاهدين التماهي مع هذه الشخصيات العالمية مع اختبار خصوصية رحلاتهم بشكل كامل.
من الناحية البصرية، يتميز عرض “الخيش والخياشة” بتصميمه الجريء للمكان. فالخشبة، التي جردت عمداً من جميع المناظر، تضع الممثلين وإبداعهم في مركز الاهتمام. وتصبح الأوشحة البيضاء الأربعة المستخدمة لتمثيل الطاولة أو المهد أو فستان الزفاف أو الكفن أدوات متعددة الاستخدامات ومشحونة بالرمزية.
وتعزز الأزياء المصنوعة من الخيش، التي تعكس عنوان المسرحية، هذه الجمالية المتقاربة ولكن ذات المغزى العميق. فهي تستحضر بساطة الشخصيات وأصالتها، مع التأكيد على جذورها في واقع اجتماعي قاسٍ في بعض الأحيان.
ويعزز هذا الخيار البسيط جوهر المسرح، حيث يُدعى خيال المتفرج للتعبير عن نفسه لاستكمال غياب الديكورات المادية. وبعيداً عن تقييد التجربة، فإن هذا النهج يثريها ويسمح للجمهور بالتركيز الكامل على أداء الممثلين والمشاعر المنقولة. تشجع المسرحية من خلال تصميم ديكوراتها المقتضبة على الانغماس بشكل أعمق، حيث تأخذ كل إيماءة وكل حركة بعدًا رمزيًا قويًا. هذا الأسلوب الرصين مغرٍ في بساطته وقدرته على ملامسة قلب المتفرج مباشرة، مما يثبت أن القليل في بعض الأحيان يكون أكثر من ذلك.
فاز “الخيش ولخياشة” بالعديد من الجوائز في المهرجانات الوطنية والدولية. ففي عام 2019، فازت بجائزة المهرجان الثقافي الوطني لمسرح الهواة في مستغانم لأفضل عرض في المهرجان الثقافي الوطني لمسرح الهواة في مستغانم. بعد ذلك بعامين، حققت المسرحية شهرة كبيرة في الدورة الأولى من المهرجان الوطني لمسرح الشباب البربري في بومرداس، حيث فازت بجائزتي أفضل إخراج وأفضل نص.
ولكن مسرحية “الخيش ولخياشة” وصلت إلى ذروتها على المسرح الدولي، حيث فازت بجائزة الحلول الإبداعية في مهرجان الإسكندرية الدولي للمسرح في دورته الثانية عشرة (مسرح بلا إنتاج) في مصر.