الصالون الدولي للكتاب: المؤرخون يستنكرون الصمت الذي يحيط بالجرائم الاستعمارية

sila2024 I Le Jeune Indépendant عربي
الصالون الدولي للكتاب: النسخة ال 27

ندد المؤرخون خلال فعاليات الدورة السابعة والعشرين للصالون الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة، بالتعتيم الذي يحيط بالجرائم الاستعمارية التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر. ودعوا إلى إعادة كتابة التاريخ الوطني بعيدًا عن الأحكام الاستعمارية المسبقة، مشددين على الحاجة الملحة لجمع شهادات الناجين والكشف عن العنف الذي غالبًا ما يتم إخفاؤه.

وفي مؤتمر “المؤرخون والكشف عن الجرائم الاستعمارية” الذي عقد في وقت متأخر من يوم الجمعة، أكد المتحدثون أن الاستعمار لم يكن سوى وسيلة للتدمير والمجازر، كما يتضح من توثيق الفظائع مثل مجزرة الظهرة وعمليات التعذيب الوحشية بين عامي 1954 و1962.

دعت المؤرخة مليكة رحال إلى وضع حد لما تعتبره “مضيعة للوقت”، وهو التشكيك في الخطاب السياسي الفرنسي حول حرب الاستقلال، حيث ترى أن هذه التصريحات التي غالبا ما تتأثر بالمصالح الانتخابية أو الإعلامية لا تتحدى بأي شكل من الأشكال الرؤية الاستعمارية السائدة في فرنسا. وقد اعتمدت مليكة رحال في بحثها عن المفقودين خلال معركة الجزائر على شهادات الجنود الفرنسيين بشكل أساسي، مع التأكيد على صعوبة إعادة بناء الحقيقة التاريخية، نظرًا لتردد المصادر الاستعمارية في الاعتراف بالعنف الذي ارتكب خلال هذه الفترة.

كما تحدثت عن عملها مع الباحث الفرنسي فابريس ريبوتي لإعادة إنشاء أرشيف عائلات المفقودين في معركة الجزائر العاصمة. وأطلق الفريق موقعًا إلكترونيًا يجمع الشهادات مستعينًا بالوثائق التي ناشدت فيها هذه العائلات السلطات الفرنسية، وكان هذا الموقع أساسًا لكتابها “الجزائر 1962: تاريخ الشعب”. وشددت على أهمية جمع شهادات الناجين من المجازر التي ارتكبت خلال فترة الاستعمار الفرنسي من أجل المساعدة في كتابة تاريخ الجزائر، وقالت مليكة رحال، المتخصصة في التاريخ الجزائري، إن هذه الروايات سواء من المجاهدين أو أقاربهم أو غيرهم من الشهود على أعمال العنف، كانت مادة أساسية لفهم الأحداث المأساوية التي شهدتها تلك الفترة.

وأكد المؤلف أن هذه الشهادات تشكل “أدلة تاريخية لا يمكن إنكارها”. فهي تسلط الضوء على أحداث مثل حالات الاختفاء القسري، لا سيما خلال معركة الجزائر، وهي أداة استخدمتها السلطات الاستعمارية الفرنسية لسحق المقاومة. وترى أن هناك حاجة ملحة لإجراء تحقيقات متعمقة لجمع هذه الروايات، مسلطةً الضوء على عدم وجود بيانات دقيقة عن حجم الجرائم التي ارتكبت أثناء الاستعمار، بما في ذلك التعذيب والترحيل والاختطاف.

من جانبه، حذّر حسني قيطوني، المؤرخ والمختص في تاريخ حرب التحرير، من حدود القراءة القانونية البحتة للتاريخ، والتي غالبا ما تتسم بمصطلح “الإبادة الجماعية”. وأكد أن المطالبات المتكررة بالاعتذار من فرنسا ستبقى غير فعالة إذا استمر المؤرخون الجزائريون في الاعتماد على الأرشيف الذي تحتفظ به القوة الاستعمارية السابقة. وحثهم على استكشاف وجهات نظر من بلدان أخرى، مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، حيث يتم تناول تاريخ الجزائر دون تحيز استعماري. ووافقه السيد كيتوني على ذلك قائلا إن هناك “العديد من القصص الفردية التي يمكن أن تروى عن مختلف أشكال العنف التي تعرض لها المدنيون”. ومن وجهة نظره، “من الضروري توثيق ترحيل الأطفال وعمليات الاغتصاب والإعدام بإجراءات موجزة، وكذلك الحرمان من الأراضي وتدمير القرى”.

وقال السيد قيطوني: “بالإضافة إلى المجازر التي ارتكبت ضد المدنيين والمناضلين في القضية الوطنية، ارتكب الجيش الاستعماري العديد من أشكال العنف الأخرى، بما في ذلك الاغتصاب والترحيل والنقل القسري للأطفال إلى الخارج ونزع ملكية الأراضي.” وأضاف السيد قيطوني: “إن أعمال العنف هذه، التي غالباً ما يتم تجاهلها أو التقليل من شأنها في الروايات التقليدية عن الاستعمار، يجب سردها من أجل فهم حجم القمع الاستعماري والمعاناة التي لحقت بالسكان الجزائريين.