في مواجهة التحديات البيئية والضرورات المتعلقة بالعدالة التاريخية، يجب على فرنسا أن تتحمل مسؤولياتها في تنظيف النفايات الناتجة عن التجارب النووية التي أجريت في الصحراء الجزائرية. هذا ما أكده، يوم الاثنين، صالح وجيل، رئيس مجلس الأمة.
خلال جلسة عامة في مجلس الشيوخ، صرح السيد قوجيل أن الجزائر، وفية لسيادتها والتزامها بحقوق مواطنيها، تطالب فرنسا بإجراءات ملموسة لتنظيف المناطق المتأثرة، التي تركت آثارًا عميقة على البيئة وصحة السكان المحليين، والتي لا تزال آثارها محسوسة حتى اليوم. وأشار إلى أن “التجارب النووية تشكل مأساة بيئية وإنسانية لا يمكن تجاهلها. يجب على فرنسا، بصفتها المسؤولة المباشرة، أن تتحمل جميع عواقب أفعالها”. مؤكداً أن الدولة ستظل ثابتة وعازمة في هذا الملف، أشار أيضًا إلى أن هذا المطلب يأتي في إطار أوسع من العدالة التاريخية وإعادة تأهيل حقوق الضحايا، مذكراً بأن سكان هذه المناطق لا يزالون يعانون من الإشعاعات وآثارها على المدى الطويل.
تمت هذه التصريحات على هامش جلسة عامة عقدت في مجلس الأمة، خصصت لتقديم ومناقشة مشروع قانون يعدل ويكمل القانون رقم 01-19، المتعلق بإدارة ومراقبة والتخلص من النفايات. تحت رئاسة السيد قوجيل، شهدت الجلسة مشاركة عدة أعضاء من الحكومة، من بينهم نجيبة جيلالي، وزيرة البيئة وجودة الحياة، وكاوتر كريك، وزيرة العلاقات مع البرلمان.
مشروع قانون لتحسين إدارة النفايات النووية
بهذه المناسبة، قدمت السيدة جيلالي الخطوط العريضة لمشروع القانون، مشددة على التعديلات اللازمة لتكييف الإطار التشريعي مع التطورات البيئية والاقتصادية خلال العقدين الماضيين.وفقًا للوزيرة، “يجب أن تشجع القانون الجديد القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال لخلق وظائف”، مشددة على أن هذا المشروع يحمل “رؤية طموحة تهدف إلى بناء اقتصاد أخضر وتزويد الأجيال القادمة بأدوات فعالة تتيح لها الحفاظ على الصحة العامة والبيئة”.
وأوضحت الوزيرة أن هذه التعديلات جاءت بعد ملاحظة أن الأدوات القانونية لم تكن تسمح بمواكبة الانتقال نحو اقتصاد دائري، متماشية مع التطورات التي حدثت خلال العقدين الماضيين.
تشمل التدابير الرئيسية الواردة في النص إنشاء استراتيجية وطنية لإدارة متكاملة للنفايات، وإنشاء نظام رقمي لمتابعة وإدارة النفايات، وإدخال مبادئ أساسية للاقتصاد الدائري، مثل المسؤولية الموسعة للمنتجين والتصميم البيئي، والحد التدريجي من استخدام البلاستيك أحادي الاستخدام، فضلاً عن وضع خطط وطنية وإقليمية لإدارة النفايات المنزلية والخاصة. كما أكدت الوزيرة على أهمية تعزيز المبادرات المحلية، مثل الفرز الانتقائي وإعادة التدوير، مع تسليط الضوء على الدور الأساسي للسلطات المحلية والمجتمع المدني في نجاح هذه الانتقال البيئي.
بعد عرض المسؤولة الأولى عن القطاع، تناولت المناقشات عدة جوانب، بما في ذلك ضرورة تعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين المعنيين، ولا سيما الوزارات والسلطات المحلية، واستعجال تسريع تطبيق النصوص التنظيمية اللازمة لتنفيذ القانون، فضلاً عن أهمية توعية المواطنين بإدارة النفايات وتطوير برامج تدريب للمهنيين في القطاع.كما دعا أعضاء مجلس الأمة إلى تكثيف الجهود لإدماج القطاع الخاص في العملية، مع ضمان تتبع أفضل وشفافية أكبر في إدارة النفايات.
في ردها على تدخلات الأعضاء، أكدت السيدة جيلالي على أن “مشروع القانون يعكس رؤية طموحة لمستقبل الجزائر البيئي”. وأكدت أن نجاح هذه الإصلاح يعتمد على تعاون وثيق بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني. في ختام الجلسة، حرص رئيس مجلس الأمة على الإشادة بجودة المناقشات وحث اللجنة المختصة على إدراج توصيات ملموسة في تقريرها النهائي لتسريع تطبيق أحكام القانون.كما ذكر أن هذه الإصلاحات تأتي في إطار التزامات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لإنشاء حوكمة تحترم البيئة وتتناسب مع أهداف التنمية المستدامة. ومن الجدير بالذكر أن جلسة التصويت على اعتماد هذا المشروع القانون مقررة يوم الخميس المقبل.