وتنقل لكم Jeune indépendant الجزء الثاني من قصة سليم الجزائري الرائعة منذ اختطافه سنة 1759 على يد القراصنة الإسبان ومغامرته في أمريكا ومحاولته العودة إلى الجزائر.
بعد ذلك بفترة، اصطحب السيد ديكنسون سليم إلى أوغوستا، بلدة المقاطعة، لحضور اجتماع ديني، وكان الحضور كثيفاً جداً، واكتشف سليم لأول مرة سكاناً من المستوطنين من جميع الأصول. كانت عيناه تتنقلان من شخص لآخر وكأنه يبحث عن شخص ما.
وفجأة جذب السيد ديكنسون من ذراعه وأشار إلى رجل مهيب أنيق الملبس ويتحرك في أناقة وفي نفس الوقت في تواضع. كانت ملابسه داكنة ولم يكن يرتدي قبعة.
تمتم سليم: ”خذني إلى هذا الرجل، من فضلك“.
نظر إليه السيد ديكنسون وابتسم قائلاً: ”هل تعرفه؟
-أجاب سليم: ”لا، لكنني أعرف من هو“.
-ومن هو؟ سأل ديكنسون وهو لا يزال يبتسم.
-ــ عرّفني به من فضلك!
اقترب ديكنسون من الرجل الذي كان يشير إليه سليم: ”هذا هو القس كريغ. أيها القس، اسمح لي أن أقدم لك صديقي سليم.
ابتسم الكاهن لسليم ومدّ يده.
كان سليم مضطرباً جداً: ”خذني معك إلى المنزل أيها القس“، توسل قائلاً: ”خذني معك إلى المنزل أيها القس“.
كان ديكنسون منزعجاً جداً. ابتسم كريغ: ”لماذا تريد أن تأتي إلى منزلي؟
-عندما عبرت الجبال والغابات، وعندما قاتلت الوحوش البرية والهنود الحمر، طوال ذلك الوقت وأنا أتساءل إن كنت سأنجو رأيت في أحلامي رجلاً يشبه أخاً لك! أعلم أنه أنت الذي كان الله يريني إياه في أحلامي!
لم يجب القس على الفور. من الواضح أن هذا التصريح قد أزعجه.
”يسعدني أن أرحب بك! إذا أرسل الله لي شخصًا ما، فلا يمكنني أن أطرده“.
انتقل سليم للعيش مع القس كريغ الذي سرعان ما اكتشف أن الجزائري كان مثقفاً جداً: فقد وجد نسخة من العهد القديم باللغة اليونانية في بيت القس، فقرأها أمامه.
فأراد القس مندهشًا أن يعرف رأي سليم في معنى النصوص. كان الجزائري متمكناً جداً من اللغة وصحح بعض تفسيرات القس.
اكتشف كريغ فيما بعد أن سليم كان يعرف العبرية أيضاً وكانت معرفته بالعبرية أوسع مما كان يتصور.
وسرعان ما احتضنه المجتمع الراقي في ستاونتون واعتبره المجتمع الراقي رجلًا مثقفًا ومطلوبًا بشدة في مآدب العشاء في المجتمع.
ومع ذلك، وعلى الرغم من كل هذا التودد من أهل ستاونتون، إلا أن الحنين إلى الوطن كان ينخر قلب سليم. لذا فقد توسل إلى القس كريغ لمساعدته في العودة إلى وطنه الجزائر.
حاول القس وجميع أصدقاء سليم الآخرين أن يثنوه عن قراره، مذكّرين إياه بمخاطر العبور والحروب في البحر الأبيض المتوسط والقرصنة التي لا تزال قائمة في البحار، لكن سليم ظل مصراً على موقفه.
فاكتفى أعيان ستاونتون بتنظيم مجموعة من أجله وأرسلوه إلى ويليامزبرج على ساحل المحيط الأطلنطي ليغادر إلى إنجلترا، مع توصية لسلطات البلدة ولبعض المعارف الذين كانوا سيتولون أمر رحلته.
وكانت تلك نهاية أول إقامة لسليم في أمريكا.
——————————–
مقتطف من رسالة من جون بلير، رئيس مجلس فيرجينيا والمسؤول عن المستعمرة منذ وفاة الحاكم فوكييه وبانتظار تعيين اللورد بوتيتورت، موجهة إلى اللورد هيلزبورو، وزير الدولة للمستعمرات، 12 يوليو 1768.
أرجو أن تسمح لي بإبلاغ سيادتكم بأن المجلس قد دفع بواسطتي تكاليف سفر شاب جزائري تعيس الحظ يدعى سليم إلى لندن ويبدو أنه ابن أحد النبلاء هناك.
[…]
وقد أخذته لسوء حظه سفينة فرنسية وحمله تجارهم بين الهنود الحمر وتركوه هناك أسيراً. وقضى ثلاث سنوات بينهم، قبل أن ينجو بنفسه مستعيناً بنصيحة امرأة إنكليزية له بالسبيل الذي يجب أن يسلكه. وسافر 45 يوماً، كما يقول، في الغابة، وحيداً، معتمداً على الأعشاب والجذور والفواكه البرية كغذاء، إلى أن التقاه لحسن الحظ رجل طيب من أوغوستا، وهي مقاطعة حدودية من مقاطعتنا.
[…]
وقد ظهر عند الفحص أنه كان يتعلم بعض اليونانية والعبرية التي تنطق بأنه ابن رجل نبيل. يأمل أن يلتقي بسفير جزائري في لندن. ولعل سيادتكم ترون أنه من المناسب أن تهتموا به وتكرموا داي الجزائر بالتلطف في إعادته إلى وطنه ووالده …
يشرفني أن أبلغكم أنه بناء على طلب مني، فقد دفع المجلس تكاليف سفر شاب جزائري تعيس الحظ يدعى سليم إلى لندن، ويبدو أنه ابن أحد السادة النبلاء.
[…]
ولسوء حظه أخذته سفينة فرنسية وحمله تجارهم بين الهنود الحمر وتركوه هناك أسيراً. وقضى ثلاث سنوات بينهم، قبل أن ينجو بنفسه مستعيناً بنصيحة امرأة إنجليزية له بالسبيل الذي يجب أن يسلكه. وسافر 45 يوماً، كما يقول، في الغابات، وحيداً، معتمداً على الأعشاب والجذور والفواكه البرية كغذاء، إلى أن التقاه لحسن الحظ رجل طيب من أوغوستا، وهي مقاطعة حدودية من مقاطعتنا.
[…]
وقد ظهر عند الفحص أنه كان يتعلم بعض اليونانية والعبرية التي تنطق بأنه ابن رجل نبيل. يأمل أن يلتقي بسفير جزائري في لندن. ولعل سيادتكم ترون أنه من المناسب أن تهتموا به وتكرموا داي الجزائر بالتلطف في إعادته إلى وطنه ووالده …
يشرفني أن أبلغكم أنه بناء على طلب مني، فقد دفع المجلس تكاليف سفر شاب جزائري تعيس الحظ يدعى سليم إلى لندن، ويبدو أنه ابن أحد السادة النبلاء.
[…]
وقد أسرته لسوء الحظ سفينة فرنسية واقتاده تجارهم [إلى لويزيانا] بين هنود المينغو وتركوه أسيرا بينهم. أمضى ثلاث سنوات بينهم، قبل أن يهرب باتباع توجيهات امرأة إنجليزية حول الطريق الذي يجب أن يسلكه. وسافر 45 يوماً، كما يقول، في الغابة، وحيداً يتغذى على الأعشاب والجذور والفاكهة البرية، إلى أن التقى به لحسن الحظ رجل صالح من أوغوستا، وهو من سكان مقاطعة الحدود….
وقد تبين من دراسة حالته أنه كان يعرف قليلاً من اليونانية والعبرية، وهي اللغات التي كان يتبادلها مع ابن أحد السادة. وهو يأمل في مقابلة السفير الجزائري في لندن. وبإمكان سيادتكم أن تنظروا في القضية وتتدخلوا لدى داي الجزائر وتطلبوا منه التكرم بمساعدة هذا الشاب على العودة إلى الوطن…