جاء رد الفعل الجزائري سريعاً على التصريحات الخطيرة التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول قضية الكاتب الموالي للصهيونية بوعلام صنصال. فقد وصفت وزارة الشؤون الخارجية، اليوم الثلاثاء، باسم الحكومة الجزائرية، التصريحات التي أدلى بها رئيس قصر الإليزيه حول هذه القضية، بأنها تدخل سافر وغير مقبولة، و”لا تشرف من اعتقد أنه من الضروري الإدلاء بها”.
وجاء في بيان لوزارة الشؤون الخارجية أن “الحكومة الجزائرية قد علمت باستغراب شديد بالتصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي حول الجزائر والتي تسيء إلى الشخص الذي ظن أنه كان عليه أن يدلي بها بهذه الطريقة الوقحة والخفيفة”. وجاء في نص البيان: “إن هذه التصريحات لا يمكن إلا أن تكون مستنكرة ومرفوضة ومدانة على حقيقتها، وهي تدخل سافر وغير مقبول في شأن جزائري داخلي”.
“إن ما يقدمه الرئيس الفرنسي خطأً وزوراً على أنه مسألة حرية تعبير، ليس مسألة حرية تعبير بموجب قانون دولة ذات سيادة ومستقلة. بل هو في الأساس اعتداء على الوحدة الترابية للبلاد، وهي جريمة يعاقب عليها القانون الجزائري”.
وهي خطوة خطيرة ضد الجزائر من شأنها أن تزيد من تسميم العلاقات بين البلدين المتوقفة أصلا منذ سحب السفير الجزائري من باريس قبل عدة أشهر.
وقال إيمانويل ماكرون، خلال اجتماع لسفراء فرنسا في الخارج في قصر الإليزيه، إن الجزائر “تسيء إلى نفسها بإبقائها على الكاتب رهن الاحتجاز ومنعه من تلقي العلاج”. وأضاف قائلا: “الجزائر التي نحبها كثيرا والتي نتقاسم معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تهين نفسها بمنع رجل مريض مرضا خطيرا من تلقي العلاج. إنه أمر لا يليق بما هو عليه”، وناشد الحكومة الجزائرية مباشرةً بالإفراج عن الكاتب.
وأضاف: “ونحن الذين نحب الشعب الجزائري وتاريخه نحث حكومته على إطلاق سراح بوعلام صنصال”.
يبدو أن السلطات الفرنسية قد خرجت عن استراتيجية التعقل التي اعتمدتها حتى الآن فيما يتعلق بهذه القضية. ولكن الأخطر من ذلك أنه إذا كانت فرنسا حريصة على سلامة صنصال باسم حرية التعبير، فماذا عن الأشخاص الذين اعتقلوا في فرنسا بسبب دعمهم لفلسطين أو رفعهم للعلم الفلسطيني؟
ألقي القبض على بوعلام صنصال، 75 عامًا، في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني في مطار الجزائر العاصمة ووجهت إليه تهمة المساس بأمن الدولة وسلامة التراب الوطني. وكان هذا الكاتب الفرنسي المتجنس بالجنسية الفرنسية قد ادعى في مقابلة مع وسائل الإعلام الفرنسية اليمينية المتطرفة “فرونتير” أن جزءًا من غرب الجزائر كان تاريخيًا تابعًا للمغرب قبل عام 1830.
وقد أثارت هذه التصريحات غضباً عارماً في الجزائر وسخطاً كبيراً على شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة داخل الأسرة الثورية والأحزاب السياسية. وأدانت شخصيات عامة ووسائل الإعلام في فرنسا تصريحات الكاتب المؤيد للصهيونية. فقد وصف المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا، وهو مؤرخ فرنسي متخصص في قضايا الذاكرة الجزائرية الفرنسية، تصريحات الكاتب بأنها غير مقبولة.
وقد وصف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في خطاب ألقاه أمام البرلمان بغرفتيه في قصر الأمم، الكاتب بـ”المنتحل مجهول الهوية”، و”اللص الذي لا تعرف هويته ولا أبوه، والذي تجرأ على القول بأن جزءا من الجزائر كان ملكا لدولة أخرى”.